أحبطوني وحطموني بانتقاداتهم
حاوره: ذيب الروقي
ويواصل أجا العملاق صاحب الصمت الجميل حديثه الممتع عن أعوام الهلال والجمال، فالرجل الذي جرب العشق الأزرق وتذوق من شهده كل تلك الأعوام المفعمة بالإنجازات والفواحة بشذى الألقاب الباذخة، لديه ما يقوله وما يتحدث عنه، رغم عتبه على من حاولوا رميه بانتقادات أشبه بالطوب خلال الأعوام الأخيرة، وأيضا من حاولوا قضم بعض تاريخه ورميه في سلة المهملات، فهو هنا يدافع ولا يتهم، يسامح بطريقة الكبار فيكفي أنه رد عبر 22 عاما من الإبداع تلقى فيها من الثناء ما يكفيه العمر كله.. فماذا قال في الجزء الثاني من الحوار الطويل والممتع؟ قلنا له..
أكثر من 22 عاما في الملاعب، وطوال هذه السنين المستوى ثابت والأخطاء نادرة.. فما السر؟
هذا توفيق من الله عز وجل وبسبب دعاء الوالدين رحمهما الله ووقفة أخي عبدالله معي، والمسؤولين عن الرياضة السعودية، حيث إن كلمات الأمير الراحل فيصل بن فهد كان لها دور كبير، فلن أنسى ما حييت كلمات كثيرة طوال مشواري الرياضي، بدايتها عام 1989 حين أكد لي أنني سأكون من أفضل حراس آسيا وسأكون حارسا عالميا، وكان كلما يجتمع بي يوجهني ويدعمني، وأتذكر موقفا بعد مباراة هولندا 1994 حيث تعرضت لانتقادات لأني تسببت في الهدف الثاني، ولكنه يرحمه الله أشاد بمستواي بعد المباراة، وكان يراهن علي في مباريات عدة، والحمدلله لم أخيب نظرته، كما لا أنسى وقفات الأمير سلطان بن فهد، فله الكثير من المواقف الجميلة والصادقة، وهذا ليس بمستغرب منه، ولا من الأمير نواف بن فيصل اللذين لم يقصرا في دعم اللاعب والأندية السعودية.
هل كنت تتضايق من كلمة: كبير في السن ؟
للأسف .. مثل هذا الكلام لا نسمعه إلا في الكرة السعودية، فهناك لاعبون في أنحاء العالم ما زالوا يلعبون وأعمارهم كبيرة، ولكن ما يختلف أن لديهم وعيا على المستوى الرياضي ويحكمون على مستوى اللاعب طوال موسم، عكس من كانوا يدققون في أخطاء محمد الدعيع ويتهمونه بكبر السن، ومع ذلك كنت وما زلت أحترم النقد ولكن النقد الهادف.
واجهت انتقادات قاسية في الموسم الماضي هل كان لها دور في اعتزالك؟
الانتقادات حين تكون هادفة يأخذ بها اللاعب ويهتم بها كثيرا، وشخصيا طوال مشواري لم يهمني المديح والتمجيد بقدر ما كنت أبحث عن النقد الهادف الذي يخدمني، ولكن حقيقة في الموسمين الأخيرين وجدت انتقادات قاسية جدا، ولاحظت أنهم يحملوني أهدافا حتى وإن لم أكن مخطئا فيها، وحتى ضربات الجزاء التي ليس للحارس منها سوى 1 % اتهموني بأني المتسبب فيها.
بمناسبة الحديث عن ضربات الجزاء.. يعتبر الدعيع من أبرز حراس العالم الذين يجيدون التصدي لها، ولكن في الأعوام الأخيرة تبدلت الصورة فما السر؟
ليس هناك سبب رئيس، فصد مثل هذه الركلات توفيق من الله عز وجل، فأنا حين كنت في الطائي كانت تحتسب ركلات كثيرة جدا أوفق في صد أغلبها وبعضها يسجل، ولكن إمكانيات الهلال كما تعرف تختلف عن إمكانيات الطائي على المستوى الفني، فمع الهلال نادرا ما تحتسب ضربات جزاء على الفريق الأزرق وتنتقل المباراة إلى ركلات الترجيح فالبلنتيات التي احتسبت على الهلال في آخر ثلاثة أعوام قد لا تصل إلى عدد أصابع اليد الواحدة، سجلت بعضها ووفقت في صد بعضها.
ركلة جزاء محمد نور في نهاية الدوري السعودي وجدت ردود فعل واسعة.. هل لأنها في مرمى الدعيع ؟
لا أعلم السبب وراء ذلك، ولكن محمد نور أجاد في تنفيذها، كما أجاد زيدان في تنفيذها أمام بوفون في كأس العالم 2006 ولكن لاحظ الفرق؛ إن بوفون خرج من ذلك النهائي الشهير، ولم ينتقدوه أو يهاجموه لعدم تصديه للـ«بلنتي»، رغم أنه نهائي كأس عالم، في الوقت الذي وجدت أنا انتقادات لأني لم أتصدَ لركلة نور.
المعلق فارس عوض قال إن الأهداف لن تجد قيمتها وأهميتها إلا في مرمى الدعيع ؟
أشكر فارس عوض على هذه الكلمات الجميلة، وهو من المعلقين الذين أحبهم كثيرا وأحب متابعة المباريات بتعليقه الجميل.
اشتهر الدعيع بمراوغة المهاجمين.. هل ذلك ثقة زائدة أم حماس أم رغبة في استفزازهم ؟
أنا في الأصل كنت مهاجما، وكنت أعشق المراوغة، وانتقل هذا العشق معي في كل ملعب، وبالمناسبة أنا كنت أستخدم مهارتي في استخلاص كرة لا يسمح لي أن أستخلصها بيدي، فأحتاج لمهارتي، بالقدم والرأس، ولا تنسَ أن قرار الاتحاد الدولي بات يخدم المهاجم أكثر من الحارس، فالمهاجم الذي يسقط في احتكاك بسيط يتحصل على خطأ أو «بلنتي» لذا يفترض أن يجيد الحارس ممارسة الكرة كاللاعبين، ويستخدم مهارته في الوقت المناسب.
ألم يضايقك المقطع الذي عرضه برنامج في المرمى، بعد الهدف الثالث لمس كرمان، وكأنهم يتراقصون طربا على الخطأ الذي اقترفته؟
لا طبعا.. فأنا واثق من نفسي.
هل تعتقد أن مقدم البرنامج أراد الرد على عدم ظهورك معه في البرنامج بهذا المقطع ؟
هذا السؤال يوجه لبتال القوس وأنا لم أتضايق من المقطع، وبتال يظل من أفضل المذيعين.
مدرب حراس النصر قال إنك ذبحت الحراس السعوديين لأن الإعلام والجماهير صوروا للحراس أن الدعيع هو الحارس الأول ولا يمكن أن يتجاوزوه ؟
هو من المدربين الذين أحترمهم كثيرا، وأنا أقول: الحارس الطموح يجب ألا يتوقف طموحه عند حد. وأنا في البدايات كنت أتمنى الوصول لمستوى أحمد عيد وسالم مروان وعبدالله الدعيع وغيرهم من حراس كبار كنت أحلم بأن أصل إلى ربع مستواهم، وليس عيبا أن يكون الحارس لديه طموح للوصول إلى مستوى حارس، وقد مررت في مشواري بانتقادات قاسية تصل إلى حد التحطيم والإحباط، ولكن الحارس متى ما كان طموحا وواثقا من نفسه وموهبته فسيثبت إقدامه، وسيصل إلى مرحلة يتجاوز فيها حراسا كبارا.
بيسيرو مدرب المنتخب علق على عدم استدعائك إلى المنتخب بأنه ينتظرك مدرب حراس للمنتخب معه.. بماذا تعلق؟
تبقى وجهة نظر أحترمها وأقدرها وأشكره على هذا الكلام؛ بأنني أشرف على تدريب حراس كبار ومبدعين، وأنا أعده بعد أن آخذ دورات تدريبية أن أكون مدربا لحراس المنتخب السعودي.
هناك عتب من قبل الجماهير لأنك وعدتهم بتحقيق الآسيوية ولكنك اعتزلت؟
أنا وعدتهم لأني واثق في الجهاز الإداري والفني وفي لاعبي الهلال، لذلك نعدهم بأن بطولة آسيا هذا العام هلالية، ولكن أرجو منهم ألا يحرموا نجوم الهلال من حضورهم وتشجيعهم وتفاعلهم.
آلت قرعة دور الثمانية من كأس أبطال آسيا للأندية إلى أنه سيلتقي الهلال بفريق الغرافة القطري.. ما رأيك في هذه المواجهة ؟
مباراة حتما ستكون صعبة، ويجب ألا نستهين بالفريق المقابل، فالفريق القطري يملك عناصر جيدة، ولكن أنا على ثقة من أن نجوم الهلال سيهدون بطاقة التأهل إلى الجمهور الهلالي الكبير.
هل تختلف مواجهة فريق خليجي عن فريق من شرق آسيا بالنسبة إليكم ؟
الأندية الخليجية كلما تواجه الهلال تظهر بمستوى مختلف، ويلعبون بحماس اكثر من المباريات الأخرى التي يواجهون فيها فرقا أخرى، والسبب كما يعرف الجميع أن الهلال نادي القرن وزعيم آسيا، وتحاول الأندية أن تظهر بنتيجة إيجابية حتى وإن اعتمدوا على الخطط الدفاعية، ولكن إن شاء الله نجوم الزعيم عازمون على ترويض هذه البطولة العنيدة.
هل أنتم راضون عما حققتموه في الموسم الماضي ؟
حقيقة نحن في نادي الهلال « طماعون» مهما نحقق من بطولة في الموسم تجدنا كلاعبين نبحث عن بطولة أخرى لأن إدارات الهلال وأعضاء الشرف وجمهور الزعيم لا يرضون إلا بتحقيق كل البطولات في كل موسم، ولكن الحمدلله طالما أن رئيس الهلال راضٍ على ما تحقق في الموسم فنحن راضون.
حسن العتيبي كيف وجدت مستواه.. ؟
حسن هذا الموسم قدم مستوى مميزا وحقيقة أنا سعيد بظهوره بهذا المستوى وهو من أقرب اللاعبين إلى قلبي، فمنذ أعوام طويلة ونحن نتمرن سويا وإن شاء الله سيكون في الموعد مع البطولة الآسيوية.
في الموسم الماضي ظهرت الكثير من الشائعات عن لاعبي ومنسوبي الهلال.. ما الدوافع وراء ذلك ؟
بكل تأكيد.. الناجح محارب، فالهلال ظهر في الموسم الماضي بمستوى مختلف عن المواسم السابقة ولم يجدوا وسيلة لإيقاف المد الهلالي إلا باختلاق الشائعات على منسوبي ولاعبي الهلال، فلا تمر فترة إلا وتظهر شائعة تستهدف لاعبا أو إداريا، ولكن تكاتف الجهازين واللاعبين لم يتح للباحثين عن الشوشرة مجالا فيما بينهم.
كيف ترى حراسة المنتخب؟ ومن الحراس الذين تتوقع لهم مستقبلا ؟
حراسة المنتخب مميزة ولكن فقط يحتاجون للخبرة والدعم وأنا أثق في إمكانياتهم، فالكرة السعودية تملك حراسا مميزين كحسن العتيبي ومبروك زايد ووليد عبدالله وشراحيلي والشمري وغيرهم.
ما الجديد بخصوص عمادة لاعبي العالم؟
ما زلت أنتظر التكريم من قبل الاتحاد الدولي فأكثر من ستة أعوام، وأنا عميد للاعبي العالم، ولم يتم تكريمي ولكن بعد أن أعلنت اعتزالي أؤكد أنني سأهتم بهذا الموضوع كثيرا فأنا أملك مباريات كثيرة معتمدة، وما زالت موجودة في الاتحاد الدولي لكرة القدم وسأجتهد في الفترة القادمة في استعادة حقي.
هل تعتقد أن الاتحاد السعودي لكرة القدم هو الذي تسبب في تقليص عدد مبارياتك؟
مبارياتي المعتمدة ما تزال كما هي 181 مباراة دولية، ولكن كما قلت سابقا الإنجاز يسجل باسم الكرة السعودية وليس باسم محمد الدعيع، فهم لا يقولون الدعيع بل يقولون السعودي محمد الدعيع، والأمير سلطان بن فهد والأمير نواف بن فيصل أنا على ثقة بأنهما لم ولن يقصرا في الوقوف مع اللاعب السعودي كما هي عادتهما.
يتردد أن هناك أعضاء شرف لا يرغبون في الدعيع ؟
بالعكس جميعهم تربطني بهم علاقة قوية ومحبة متبادلة ولو كان المجال يسعني لقدمت لكل فرد منهم الشكر والتقدير على دعمهم لي طوال مسيرتي الرياضية مع الهلال.
المنتديات الرياضية هل ترى أنها وسيلة إعلامية أخرى أفادتك؟
المنتديات الرياضية سلاح ذو حدين إما أن تكون وسيلة للنقد الهادف وتصحيح الأخطاء، وهذا ما كنت أبحث عنه باطلاعي على مواقع الهلال أو موقعي أو مواقع رياضية أخرى، أما أن تكون وسيلة للتجريح والإساءة والانتقادات والاتهامات فهذا ما يجب علينا أن نبتعد عنه، فاللاعب دائما ينشد الأفضل ويبحث عن الشيء الذي يراه مناسبا له ليكمل مشواره الرياضي بشكل صحيح.
دعنا نتحدث عن مهرجان الاعتزال، هل عرضت على الأميرين عبدالله وعبدالرحمن النادي الذي ترغب في حضوره لاعتزالك؟
ملف هذا الموضوع عند الأمير عبدالله بن مساعد لأنه دائما صاحب نجاحات سواء على مستوى الاستثمار أو الصفقات أو مهرجانات الاعتزال، وأنا أثق فيه وفي الأمير عبدالرحمن ومتأكد من أنهما يبحثان عن الأفضل، ولكن إن سألتني عن رغبتي فأنا بالطبع يهمني حضور فريق مرغوب جماهيريا من الهلاليين والجماهير الرياضية السعودية، بمعنى أن يكون ناديا معروفا ويملك شعبية جماهيرية في المملكة؛ لأن الحضور الجماهيري يهمني كثيرا.
هل فكرت إلى أين تتجه بعد الاعتزال؟
لتدريب الحراس وإن شاء الله بعد أن آخذ دورات في التدريب، فأنا لا أرى نفسي مشرفا أو إداريا، بل مدربا وسأبدأ إن شاء الله من الفئات السنية.
كلمتك الأخيرة لقراء شمس ؟
شكرا لكل من دعمني طوال مسيرتي الكروية ووقف معي وهم كثر، منهم: مالك جريدة شمس الأمير تركي بن خالد الذي كانت له وقفات صادقة معي لن أنساها، وأشكر الأمير عبدالرحمن بن مساعد والأمير عبدالله بن مساعد على تكفلهم بمهرجان اعتزالي وعلى دعمهم لي، وأشكر أعضاء شرف الهلال والجمهور الهلالي، وأتمنى من كل إنسان أخطأت في حقه أو قصرت معه أن يسامحني. ورسالتي الأخيرة أتمنى أن أرى الجمهور الهلالي والرياضي بشكل عام في حفل اعتزالي .