لا ريب أن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم تشكل الركيزة الأساسية لحركة التاريخ العظيم الذي يعتز به المسلمون على اختلاف لغاتهم و أقطارهم فحياته عليه الصلاة والسلام تقدم إلينا نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه، الأمين مع قومه وأصحابه، كما تقدم النموذج الرائع للإسلام الداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، الباذل منتهى الطاقة في سبيل إبلاغ رسالته، ولرئيس الدولة الذي يسوس الأمور بحذق وحكمة بالغة، وللزوج المثالي في حسن معاملته، وللأب في حنو عاطفته، مع تفريق دقيق بين الحقوق والواجبات لكل من الزوجة والأولاد، وللقائد الحربي الماهر والسياسي الصادق المحنك، للمسلم الجامع -في دقة وعدل- بين واجب التعبد والتبتل لربه،.
محمد عليه السلام خاتم الانبياء فلا نبي بعده وهذا مما اجمع عليه المسلمون وعرف من الدين بالضرورة قال صلى الله عليه وسلم ( مثلي ومثل الانبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فاحسنه واجمله الا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة وانا خاتم النبيين )
اما دعوته عليه الصلاة والسلام وعلاقتها بدعوات الانبياء السابقين فقائمة على اساس التاكيد والتتميم كما يدل الحديث السابق .
وبيان ذلك ان دعوة كل نبي تقوم على اساسين اثنين الاول العقيدة والثاني التشريع والاخلاق .
فاما العقيدة فلم يختلف مضمونها منذ بعثة ادم عليه السلام الى بعثة خاتم النبيين محمد عليه الصلاة والسلام .
انما هي الايمان بوحدانية الله وتنزيهه عن كل ما لا يليق به من الصفات , والايمان باليوم الاخر والحساب والجنة والنار .
فكان كل نبي يدعو قومه الى الايمان بهذه الامور وكان كل منهم ياتي مصدقا لدعوة من قبله ومبشرا ببعثة من سياتي بعده .
وهكذا فقد تلاحقت بعثتهم الى الاقوام والامم ليؤكد الجميع حقيقة واحدة امروا بتبليغها وحمل الناس على الاذعان لها , وهي الدينونة لله عزوجل وحده
وهذا ما بينه الله تعالى بقوله :
( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذين اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه )
بل انه لا يتصور ان تختلف دعوات الانبياء الصادقين في شان العقيدة لان امور العقيدة من نوع الاخبار , والاخبار عن شيء لا يمكن ان يختلف ما بين مخبر واخر اذا فرضنا الصدق في خبر كل منهما , فمن غير المعقول ان يبعث احد الانبياء ليبلغ الناس ان الله ثالث ثلاثة , سبحانه عما يقولون , ثم يبعث من بعده نبي اخر ليبلغهم بان الله واحد لا شريك له ويكون كل منهما صادقا فيما بلغه عن الله تعالى .
نسبه:
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، و هو من ولد إسماعيل لا محالة و هذا النسب بهذه الصفة لا خلف فيه بين العلماء فهذا القدر المتفق عليه من نسبه الشريف أما ما فوق ذلك فمختلف فيه لا يعتمد عليه فى شىء غير أن مما لا خلاف فيه أن عدنان من ولد اسماعيل نبى الله ابن ابراهيم خليل الله عليهما الصلاة و السلام وأن الله إختاره من أزكى القبائل و أفضل البطون و أطهر الأصلاب فما تسلل شىء من أدران الجاهلية إلى شىء من نسبه و في ((صحيح مسلم)) من حديث واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (( إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ، و اصطفى من بني إسماعيل بني كنانة ، و اصطفى من بني كنانة قريشاً ، و اصطفى من قريش بني هاشم ، و اصطفاني من بني هاشم )) و روى الإمام أحمد عن المطلب بن أبي وداعة قال : قال العباس : بلغه صلى الله عليه و سلم بعض ما يقول الناس قال : صعد المنبر ، فقال (( من أنا ؟ )) قالوا : أنت رسول الله قال : (( أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه ، و جعله فرقتين فجلعني في خير فرقة، و خلق القبائل فجعلني في خير قبيلة، و جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً، فأنا خيركم بيتاً و خيركم نفساً )) صلوات الله و سلامه عليه دائماً أبداً إلى يوم الدين
مولد رسول الله صلى الله عليه و سلم:
والده / عبد الله و كـان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب و أعفهم و أحبهم إليه ، و هو الذبيح ؛ و ذلك أن عبد المطلب لمـا تم أبناؤه عشرة و عرف أنهم يمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه ، فقيل : إنه أقـرع بينهم أيهم ينـحـر ؟ فطـارت القرعــة على عـبد الله ، و كــان أحـب النـاس إليه فقال : اللهم هو أو مائة من الإبل . ثم أقرع بينه و بين الإبل فطارت القرعة على المائة من الإبل ، و قيل : إنه كتب أسماءهم في القداح ، و أعطاها قيم هبل ، فضرب القداح فخرج القدح على عبد الله، فأخذه عبد المطلب ، و أخذ الشفرة ، ثم أقبل به إلى الكعبة ليذبحه ، فمنعته قريش ، و لا سيما أخواله من بني مخزوم و أخوه أبو طالب فقال عبد المطلب : فكيف أصنع بنذري؟ فأشاروا عليه أن يأتى عرافة فيستأمرها ، فأتاها ، فأمرت أن يضرب القداح على عبد الله و على عشر من الإبل ، فإن خرجت على عبد الله يزيد عشرًا من الإبل حتى يرضى ربه ، فإن خرجت على الإبل نحرها ، فرجع و أقرع بين عبد الله و بين عشر من الإبل ، فوقعت القرعة على عبد الله ، فلم يزل يزيد من الإبل عشرًا عشرًا و لا تقع القرعة إلا عليه إلى أن بلغت الإبل مائة فوقعت القرعة عليها ، فنحرت ثم تركت ، لا يرد عنها إنسان و لا سبع ، و كانت الدية في قريش و في العرب عشرًا من الإبل ، فجرت بعد هذه الوقعة مائة من الإبل، و أقرها الإسلام، و روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :[ أنا ابن الذبيحين ]يعنى إسماعيل ، و أباه عبد الله
و اختار عبد المطلب لولده عبد الله آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، و هي يومئذ تعد أفضل امرأة في قريش نسبًا و موضعًا، و أبوها سيد بني زهرة نسبًا و شرفًا ، فزوجه بها ، فبني بها عبد الله في مكة، و بعد قليل أرسله عبد المطلب إلى المدينة يختار لهم تمرًا، فمات بها ، و قيل : بل خرج تاجرًا إلى الشام ، فأقبل في عير قريش ، فنزل بالمدينة و هو مريض فتوفي بها ، و دفن في دار النابغة الجعدى ، و له إذ ذاك خمس و عشرون سنة ، و كانت وفاته قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه و سلم، و به يقول أكثر المؤرخين
و جميع ما خلفه عبد الله خمسة أجمال، و قطعة غنم، و جارية حبشية اسمها بركة و كنيتها أم أيمن،
و كان مولده عليه الصلاة والسلام عام الفيل أى العام الذى حاول فيه أبرهة الأشرم غزو مكه و هدم الكعبه فرده الله عن ذلك بالأية الباهرة التى وصفها القرآن فى سورة الفيل ولـد سيـد المرسلـين صلى الله عليه و سلم بشـعب بني هاشـم بمكـة يقال في صبيحـة يــوم الاثنين التاسع مـن شـهر ربيـع الأول و إن كان الأرجح الثانى عشر من شهر ربيع الأول و قد ولد يتيما فقد مات أبوه عبد الله وأمه حامل به لشهرين
ما وقع من الآيات ليلة مولده عليه الصلاة و السلام
قد روى أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى ، و خمدت النار التي يعبدها المجوس ، و انهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت ، روى ذلك الطبرى و البيهقى و غيرهما وليس له إسناد ثابت ، و لم يشهد له تاريخ تلك الأمم مع قوة دواعى التسجيل و روى محمد بن إسحاق عن حسان بن ثابت قال : ( إسناده حسن )والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بـ ( يثرب ) : يا معشر يهود ! حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له : ويلك مالك؟ قال : طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به وروى أبو نعيم و محمد بن حيان عن أسامة بن زيد قال : قال زيد بن عمرو ابن نفيل :: قد خرج في بلدك نبي ، أو هو خارج ، قد خرج نجمه ، فارجع فصدقه واتبعه ( سنده حسن )و لما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده ، فجاء مستبشرًا و دخل به الكعبة ، ودعا الله و شكر له . و إختار له اسم محمد و هذا الاسم لم يكن معروفًا في العرب و خَتَنَه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون
رضاعته :
أول من أرضعته من المراضع وذلك بعد أمه صلى الله عليه و سلم بأسبوع ثُوَيْبَة مولاة أبي لهب بلبن ابن لها يقال له : مَسْرُوح، و كانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب، و أرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي و كانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعادًا لهم عن أمراض الحواضر؛ و لتقوى أجسامهم ، و تشتد أعصابهم ، و يتقنوا اللسان العربى في مهدهم، فالتمس عبد المطلب لرسول الله صلى الله عليه و سلم المراضع و استرضع له امرأة من بني سعد بن بكر ، و هي حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث، و زوجها الحارث ابن عبد العزى المكنى بأبي كبشة من نفس القبيلة و إخوته صلى الله عليه و سلم هناك من الرضاعة :، و أنيسة بنت الحارث، و حذافة أو جذامة بنت الحارث [ وهي الشيماء؛ لقب غلب على اسمها ] و كانت تحضن رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعًا في بني سعد بن بكر ، فأرضعت أمه رسول الله صلى الله عليه و سلم يومًا و هو عند أمه حليمة ، فكان حمزة رضيع رسول الله صلى الله عليه و سلم من جهتين ، من جهة ثويبة و من جهة السعدية و قد أجمع رواة السيرة أن بادية بنى سعد كانت تعانى إذ ذاك سنة مجدبة قد جف فيها الضرع و يبس الزرع فما هو الا أن صار محمد صلى الله عليه و سلم فى منزل حليمة و إستكان إلى حجرها و ثديها حتى عادت منازل حليمة من حول خبائها مرعة مخضرة فكانت أغنامها تروح منها عائدة إلى الدار شباعا ممتلئة الضرع و رأت حليمة من بركته صلى الله عليه و سلم ما قضت منه العجب ، و لنتركها تروى ذلك مفصلًا : قال ابن إسحاق : كانت حليمة تحدث : أنها خرجت من بلدها مع زوجها و ابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر، تلتمس الرضعاء. قالت : و ذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شيئًا، قالت : فخرجت على أتان لى قمراء، و معنا شارف لنا ، و الله ما تَبِضّ ُبقطرة، و ما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا ، من بكائه من الجوع، ما في ثديى ما يغنيه، و ما في شارفنا ما يغذيه ، و لكن كنا نرجو الغيث و الفرج ، فخرجت على أتانى تلك ، فلقد أذَمَّتْ بالركب حتى شق ذلك عليهم ، ضعفًا و عجفًا ، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم فتأباه، إذا قيل لها : إنه يتيم ، و ذلك أنا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي، فكنا نقول : يتيم ! و ما عسى أن تصنع أمه وجده ، فكنا نكرهه لذلك ، فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعًا غيرى، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبى : و الله ، إنى لأكره أن أرجع من بين صواحبى و لم آخذ رضيعًا ، و الله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه قال : لا عليك أن تفعلى، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة قالت : فذهبت إليه و أخذته و ما حملنى على أخذه إلا أنى لم أجد غيره ، قالت : فلما أخذته رجعت به إلى رحلى ، فلما وضعته في حجرى أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن ، فشرب حتى روى ، و شرب معه أخوه حتى روى ، ثم ناما ، و ما كنا ننام معه قبل ذلك ، و قام زوجي إلى شارفنا تلك ، فإذا هي حافل ، فحلب منها ما شرب و شربت معه حتى انتهينا ريا و شبعا ، فبتنا بخير ليلة ، قالت : يقول صاحبى حين أصبحنا : تعلمي و الله يا حليمة، لقد أخذت نسمة مباركة ، قالت : فقلت : و الله إنى لأرجو ذلك قالت : ثم خرجنا و ركبت أنا أتانى ، و حملته عليها معى ، فو الله لقطعت بالركب ما لا يقدر عليه شىء من حمرهم ، حتى إن صواحبى ليقلن لى : يا ابنة أبي ذؤيب ، ويحك ! أرْبِعى علينا أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها ؟ فأقول لهن : بلى و الله ، إنها لهي هي، فيقلن : و الله إن لها شأنًا، قالت : ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد ، و ما أعلم أرضًا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمى تروح علىَّ حين قدمنا به معنا شباعًا لُبَّنـًا، فنحلب و نشرب ، و ما يحلب إنسان قطرة لبن ، و لا يجدها في ضرع ، حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم ، اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعًا ما تبض بقطرة لبن ، و تروح غنمى شباعًا لبنًا . فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه و فصلته، و كان يشب شبابًا لا يشبه الغلمان، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلامًا جفرًا قالت : فقدمنا به على أمه و نحن أحرص على مكثه فينا ، لما كنا نرى من بركته ، فكلمنا أمه ، و قلت لها : لو تركت ابني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة، قالت : فلم نزل بها حتى ردته معنا
حادثة شق الصدر
و روى ابن إسحاق عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا له : يا رسول الله ! أخبرنا عن نفسك. قال : (( نعم؛ أنا دعوة أبي إبراهيم، و بشرى عيسى ، و رأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام و استرضعتُ في بني سعد بن بكر فبينما أنا مع أخٍ لي خلف بيوتنا نرعى بهماً لنا إذ أتاني رجلان- عليهما ثياب بيض- بطست من ذهب مملوء ثلجاً، ثم أخذاني فشقا بطني، و استخرجا قلبي فشقّاه فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها، ثم غسلا قلبي و بطني بذلك الثلج حتى أنقياه ثم قال أحدهما لصاحبه : زِنْه بعشرة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال : زنه بمئة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال : زنه بألف من أمته فوزنني بهم فوزنتهم فقال : دعه عنك فو الله لو وزنته بأمته لوزنها )) و إسناده جيد قوي
و قد روى أحمد وأبو نعيم في (( الدلائل )) عن عتبة بن عبد : أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : كيف كان أول شأنك يا رسول الله ؟
قال : (( كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر، فانطلقت أنا و ابن لها في بهم لنا، و لم نأخذ معنا زاداً، فقلت : يا أخي ! اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا. فانطلق أخي و مكثت عند البهم، فأقبل طائران أبيضان كأنهما نسران ، فقال أحدهما لصاحبه : أهو هو ؟ فقال : نعم فأقبلاً يبتدراني، فأخذاني فبطحاني للقفا، فشقا بطني ، ثم استخرجا قلبي فشقاه ، فاخرجا منه علقتين سوداوين، فقال أحدهما لصاحبه : ائتني بماء و ثلج، فغسلا به جوفي ثم قال : ائتني بماء برد فغسلا به قلبي ثم قال : ائتني بالسكينة فذرها في قلبي ثم قال أحدهما لصاحبه : خطه فخاطه و ختم على قلبي بخاتم النبوية فقال أحدهما : اجعله في كفة، و اجعل ألفاً من أمته في كفة فإذا أنا أنظر إلى الألف فوق أشفق أن يخر عليّ بعضهم فقال : لو أن أمته وزنت به لمال بهم ، ثم انطلقا فتركاني و فرقتُ فرقي شديداً ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها بالذي لقيت فأشفقت أن يكون قد لبس بي فقالت : أعيذك بالله فرحلت بعيراً لها، و حملتني على الرحل و ركبت خلفي حتى بلغنا إلى أمي فقالت : أديت أمانتي و ذمتي و حدثتها بالذي لقيتُ فلم يرُعها و قالت : إني رأيت خرج مني نور أضاءت منه قصور الشام )) وثبت في (( صحيح مسلم )) عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أتاه جبريل و هو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال : هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طَسْت من ذهب بماء زمزم ثم لأَمَه ـ أي جمعه وضم بعضه إلى بعض ـ ثم أعاده في مكانه و جاء الغلمان يسعون إلى أمه ـ يعنى ظئره ـ فقالوا : إن محمدًا قد قتل، فاستقبلوه و هو مُنْتَقِعُ اللون ـ أي متغير اللون ـ قال أنس : و قد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره
الى امه الحنون
و خشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه ، فكان عند أمه إلى أن بلغ ست سنين . ورأت آمنة ـ وفاء لذكرى زوجها الراحل ـ أن تزور قبره بيثرب ، فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ نحو خمسمائة كيلو متر و معها ولدها اليتيم ـ محمد صلى الله عليه و سلم ـ و خادمتها أم أيمن ، و قيمها عبد المطلب ، فمكثت شهرًا ثم قفلت ، و بينما هي راجعة إذ لحقها المرض في أوائل الطريق، ثم اشتد حتى ماتت بالأبْوَاء بين مكة و المدينة
إلى جده العطوف
وعاد به عبد المطلب إلى مكة و كانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليتيم الذي أصيب بمصاب جديد نَكَأ الجروح القديمة فَرَقَّ عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده فكان لا يدعه لوحدته المفروضة بل يؤثره على أولاده قال ابن هشام : كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالًا له فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأتى و هو غلام جفر حتى يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأي ذلك منهم : دعوا ابني هذا فوالله إن له لشأنًا ثم يجلس معه على فراشه و يمسح ظهره بيده و يسره ما يراه يصنع و لثمانى سنوات و شهرين و عشرة أيام من عمره صلى الله عليه و سلم توفي جده عبد المطلب بمكة، ورأي قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق أبيه إلى عمه الشفيق و نهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه، و ضمه إلى ولده و قدمه عليهم و إختصه بفضل إحترام و تقدير و ظل فوق أربعين سنة يعز جانبه و يبسط عليه حمايته و يصادق و يخاصم من أجله .
والمعاشرة الفكاهة اللطيفة مع أهله وأصحابه و هي حاضنـة رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لي حبر من أحبار الشام عبد الله بن الحارث.
ولما تم له صلى الله عليه وسلم من العمر إثنتا عشرة سنة ’ سافر عمه أبو طالب الى الشام فى ركب للتجارة ’ فأخذه معه . ولما نزل الركب ( بصرى ) مرّوا على راهب هناك يقال له ( بحيرا ) وكان عليماً بالإنجيل خبيراً بشئون النصرانية وهناك أبصر بحيرا النبى صلى الله عليه وسلم ’ فجعل يتأمله ويكلمه ’ ثم إلتفت الى أبى طالب فقال له : ما هذا الغلام منك ؟ فقال: إبنى ( وكان ابو طالب يدعوه بابنه لشدة محبته له وشفقته عليه ) فقال له بحيرا ما هو بابنك وما ينبغى أن يكون أبو هذا الغلام حياً . فقال : هو ابن أخى . قال : فما فعل أبوه ؟ قال : مات وأمه حبلى به . قال بحيرا : صدقت ’ فارجع به بلده واحذر عليه يهود فوالله لئن رأوه هنا ليبلغنه شراً ’ فإنه كائن لإبن أخيك هذا شأن عظيم ’ فأسرع به أبو طالب عائدا الى مكة .
ثم أخذ رسول الله يستقبل فترة الشباب من عمره فبدأ بالسعى للرزق وراح يشتغل برعى الغنم ’ ولقد قال عليه الصلاة و السلام عن نفسه فيما بعد : ( كنت أرعى الغنم على قراريط لأهل مكة ) . وحفظه الله من كل ما قد ينحرف إليه الشباب من مظاهر اللهو و العبث .
قال عليه الصلاة و السلام فيما يرويه عن نفسه : ( ما هممت بشىء مما كانوا فى الجاهلية يعملونه غير مرتين ’ كل ذلك يحول الله بينى وبينه ’ ثم ما هممت به حتى أكرمنى الله بالرسالة ’ قلت ليلة للغلام الذى يرعى معى بأعلى مكة لو أبصرت لى غنمى حتى أدخل مكة أسمر بها كما يسمر الشباب ’ فقال : أفعل ’ فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفاً فقلت ما هذا ؟ فقالوا عرس ’ فجلست أسمع ’ فضرب الله على أذنى ’ فنمت فما أيقظنى إلاّ حرّ الشمس فعدت الى صاحبى ’ فسألنى فأخبرته ’ ثم قلت له ليلة اخرى مثل ذلك ودخلت مكة فأصابنى مثل أول ليلة ’ ثم ما هممت بعده بسوء) .
كانت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أرملة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال ليتجروا بمالها، فلما بلغها عن محمد صدق حديثه, وعظم أمانته, وكرم أخلاقه, عرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجرًا وتعطيه أفضل ما تعطي غيره من التجار، فقبل وسافر معه غلامها ميسرة، وقدما الشام، وباع محمد صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد من السلع، فلما رجع إلى مكة وباعت خديجة ما أحضره لها تضاعف مالها.
وقد حصل محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة على فوائد عظيمة بالإضافة إلى الأجر الذي ناله، إذ مر بالمدينة التي هاجر إليها من بعد, وجعلها مركزًا لدعوته، وبالبلاد التي فتحها ونشر فيها دينه، كما كانت رحلته سببًا لزواجه من خديجة بعد أن حدثها ميسرة عن سماحته وصدقه وكريم أخلاقه ، ورأت خديجة في مالها من البركة ما لم تر قبل هذا وأُخبرت بشمائله الكريمة، ووجدت ضالتها المنشودة, فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منبه، وهذه ذهبت إليه تفاتحه أن يتزوج خديجة فرضي بذلك، وعرض ذلك على أعمامه، فوافقوا كذلك، وخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب فخطبها إليه، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصدقها عشرين بَكرة، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت رضي الله عنها ، وقد ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين وأربع بنات، وابناه هما: القاسم، وبه كان صلى الله عليه وسلم يكنى وعبد الله، ويلقب بالطاهر والطيب. وقد مات القاسم بعد أن بلغ سنًّا تمكنه من ركوب الدابة، ومات عبد الله وهو طفل، وذلك قبل البعثة.
أما بناته فهن: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، وقد أسلمن وهاجرن إلى المدينة وتزوجن . هذا وقد كان عمر الرسول صلى الله عليه وسلم حين تزوج خديجة رضي الله عنها خمسًا وعشرين سنة، وكان عمرها أربعين سنة .
لما بلغ محمد صلى الله عليه وسلم خمسًا وثلاثين سنة اجتمعت قريش ُلتجديدِ بناءِ الكعبةِ لما أصابها من حريقٍٍ وسيلٍ جارفٍ صدّعَ جدرانَها، وكانت لا تزال كما بناها إبراهيم عليه السلام رضما فوق القامة فأرادوا هدمها ليرفعوها ويسقفوها, ولكنهم هابوا هدمها، وخافوا منه، فقال الوليد بن المغيرة أنا أبدؤكم في هدمِها، فأخذ المعولَ، ثم قام عليها وهو يقولُ: اللهم لم نزغ، ولا نريد إلا الخير.
وهدم من ناحية الركنين: فتربص الناس تلك الليلة, وقالوا: ننظر، فإن أصيب لم نهدم منها شيئًا، ورددناها كما كانت، وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله ما صنعنا، فأصبح الوليد غاديًا يهدم، وهدم الناس معه حتى انتهوا إلى حجارة خُضرة كالأسنمة آخذ بعضها ببعض.
وكانوا قد جزؤوا العمل, وخصوا كل قبيلة بناحية، واشترك سادة قريش وشيوخها في نقل الحجارة ورفعها، وقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم وعمُه العباس في بناء الكعبة وكانا ينقلان الحجارة، فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة، فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم أفاق فقال: «إزاري إزاري» فشد عليه إزاره فلما بلغوا موضع الحجر الأسود اختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، وكادوا يقتتلون فيما بينهم، لولا أن أبا أمية بن المغيرة قال: يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب المسجد، فلما توافقوا على ذلك دخل محمد صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، قد رضينا, فلما أخبروه الخبر قال: «هلموا ثوبًا؟» فأتوه به فوضع الحجر فيه بيديه ثم قال: «لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوا جميعًا» فرفعوه، حتى إذا بلغوا موضعه وضعه بيده ثم بنى عليه.
وأصبح ارتفاع الكعبة ثمانية عشر ذراعًا, ورفع بابها عن الأرض بحيث يصعد إليه بدرج، لئلا يدخل إليها كل أحد، فيدخلوا من شاؤوا، وليمنعوا الماء من التسرب إلى جوفها، وأسند سقفها إلى ستة أعمدة من الخشب، إلا أن قريشًا قصرت بها النفقة الطيبة عن إتمام البناء على قواعد إسماعيل، فأخرجوا منها الحِجر، وبنوا عليه جدارًا قصيرًا دلالة على أنه منها؛ لأنهم شرطوا على أنفسهم أن لا يدخل في بنائها إلا نفقة طيبة، ولا يدخلها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة لأحد .
لما اقترب الرسول عليه الصلاة والسلام نحو الأربعين سنه نشأ لديه حب العزله بين الفترة والأخرى، وكان يحب الاختلاء في غار حراء ، وحراء جبل يقع في الجهة الشمالية الغربية لمكة، فكان يخلو في الغار اياما عده، احيانا كانت تصل الشهر يعود الى بيته لعدة ايام ثم يعود من جديد الى الغار ، الى أن جاءه الوحي وهو في احدى خلواته، فضمه الملك اليه ثلاثا قائلا في كل مره أقرأ، ويقول الرسول في كل مره: ما أنا بقاريء ، وفي المره الثالثه قال جبريل عله السلام: (اقرأ باسم ربك الذي خلق,خلق الأنسان من علق ). وكانت هذه اول سوره نزلت من القرآن الكريم، وكان ذالك في شهر رمضان في ليلة القدر.
لما كمل سنه صلى الله عليه وسلم أربعين سنة-وهو سن الكمال، أكرمه الله تعالى بالنبوة والرسالة رحمة للعالمين.
فبينما هو صلى الله عليه وسلم في خلوته بغار حراء، وكان ذلك في شهر رمضان على أصح الروايات، إذ جاءه جبريل الأمين عليه
السلام بأمر الله تعالى، ليبلغه رسالة ربه عز وجل، ( وقد تمثل جبريل عليه السلام في هذه المرة بصورة رجل. فقال له: اقرأ، فقال له
عليه الصلاة والسلام: ما أنا بقارئ ) لأنه صلى الله عليه وسلم كان أمياً لم يتعلم القراءة، (فغطه جبريل عليه السلام في فراشه غطا شديدا ) أي ضمه وعصره بشدة، ثم أرسله فقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، فغطه ثانية ثم أرسله وقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، ثم غطه الثالثة وأرسله فقال له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ اْلإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ اْلأَكْرَمِ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ اْلإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ). فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرف عنه جبريل عليه السلام وهو يقول: يامحمد أنت رسول الله وأنا جبريل. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله يرجف فؤاده مما أدركه من الروع لشدة مقابلة الملك فجأة وشدة الغطّ التي اقتضاها الحال.
ولما رجع عليه الصلاة والسلام إلى أهله، ودخل على زوجه خديجة رضى الله عنها قال: زَمِّلوني زَمِّلوني (أى اطرحوا عليَّ الغطاء ولفوني به - ليذهب عنه الروع)، فلما ذهب عنه الروع أخبر خديجة رضي الله عنها بما كان، فقالت له: أبشر يا ابن عم واثبت، فإنى لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة.
ثم ذهبت خديجة مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان شيخا كبيرا يعرف الإِنجيل وأخبار الرسل، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رآه، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى، أي أن هذا الملك الذي جاءك هو الناموس؛ أى صاحب سر الوحي الذي نزله الله تعالى على نبيه موسى عليه الصلاة والسلام؛ لأنه يعرف من الكتب القديمة وأخبارها أن جبريل هو رسول الله إلى أنبيائه.
ثم تمنى ورقة أن لو كان شابا يقدر على نصرة النبي صلى الله عليه وسلم عند ظهوره بأمر الرسالة ومعاداة قومه له؛ لأنه يعرف من أخبار الرسل أن قومهم يعادونهم في مبدإ أمرهم، ثم توفي ورقة بعد ذلك بزمن قريب.
أول غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الأبواء ، وهي غزوة ودان .
قال أبو هلال العسكري:
أخبرنا أبو القاسم ، عن العقدي ، عن أبي جعفر ، عن المدائني عن رجاله قال :
(خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم النصف من صفر يوم الاثنين من السنة الثانية من الهجرة) .
وقد بلغه أن جمعاً من قريش خرجوا ، فاستخلف على المدينة عبادة بن الصامت وقيل غيره .
و لواءه مع حمزة بن عبد المطلب ، فلم يلق قريشاً .
ووداعه محشي بن عمرو الصخري على بني صخرة .
فغاب خمس عشرة ليلة ، ثم رجع.
انها ليست مجرد اسماء وتواريخ بل هي المعارك التي نصرت الاسلام ورفعت راية المسلمين:
_غزوة ودان (الأبواء) تاريخها في صفر 2 هجري وحدثت في وديان
_غزوة بواط تاريخها ربيع الاول 2 هجري وحدثت في بواط
_غزوة العشيرة تاريخها جماد اول 2 هجري وحدثت في العشيرة
_غزوة بدر الاولى جماد اخر 2 هجري وحدثت في وادي سفوان
_غزوة بدر الكبرى في رمضان 2 هجري في بدر
_غزوة بني سليم شوال 2 هجري في قرقرة الكدر
_غزوة بني القينقاع شوال 2 هجري في المدينة
_غزوة السويق ذو الحجة 2 هجري في قرقرة الكدر
_غزوة ذي امر محرم 3 هجري في ذو امر
_غزوة بحران ربيع الاول 3 هجري في بحران
_غزوة أحد شوال 3 هجري. في جبل أحد
_غزوة حمراء الأسد شوال 3 هجري حمراء الأسد
_غزوة بني النضير ربيع الاول 4 هجري ضواحي المدينة
_غزوة ذات الرقاع شعبان 4 هجري ذات الرقاع
_غزوة بدر الأخرة شعبان 4 هجري بدر
_غزوة دومة الجندل ربيع اول 5 هجري دومة الجندل
_غزوة بني المصطلق شعبان 5 هجري المريسيع
_غزوة الخندق شوال 5 هجري المدينة
_غزوة بني قريظة ذو القعدة 5 هجري ضواحي المدينة
_غزوة بني لحيان جماد اول 6 هجري غران
_غزوة ذي قرد جماد اول 6 هجري ذو قرد
_غزوة الحديبية ذو القعدة 6 هجري الحديبية
_غزوة خيبر محرم 7 هجري خيبر
_غزوة عمرة القضاء ذو الحجة 7 هجري مكة المكرمة
_غزوة فتح مكة رمضان 8 هجري مكة المكرمة
_غزوة حنين شوال 8 هجري وادي حنين
_غزوة الطائف شوال 8 هجري الطائف
_غزوة تبوك رجب 9 هجري تبوك
و هن على الترتيب التالى :
اسم الزوجة رضي الله تعالى عنها، ثم حالة الزوجة عند زواجها من الرسول صلى الله عليه و سلم (بكرا / ثيبا) ، ثم عمرها حين زواجها من الرسول عليه الصلاة و السلام و أخيرا عمر الرسول صلى الله عليه و سلم حين زواجه منها:
1- السيدة خديجة بنت خويلد (ثَيِّب ) ، 40 سنة ، 25 سنة
2-السيدة سودة بنت زمعة بن قيس (ثَيِّب )، 55 سنة ، 50 سنة
3- السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق ( بكر )، 9 سنوات ، 51 سنة
4- السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب (ثَيِّب )، 19 سنة ، 56 سنة
5- السيدة زينب بنت خزيمة (ثَيِّب )، 30 سنة ، 56 سنة
6- السيدة أم سلمة هند بنت أبي أمية (ثَيِّب )، 65 سنة ، 56 سنة
7- السيدة زينب بنت جحش (ثَيِّب )، 25 سنة ، 56 سنة
8- السيدة جويرية بنت الحارث (ثَيِّب )، 20 سنة ، 58 سنة
9- السيدة صفية بنت حيي بن أخطب (ثَيِّب )، 17 سنة ، 60 سنة
10- السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان (ثَيِّب )، 40 سنة ، 60سنة
11- السيدة ميمونة بنت الحارث (ثَيِّب )، 26سنة ، 60 سنة
- رزق الحبيب صلى الله عليه و سلم بثلاثة ابناء من الزكور و هم
1- القاسم رضى الله عنه
2- عبد الله رضى الله عنه
3- إبراهيم رضى الله عنه
كما رزق صلى الله عليه و سلم بأربع بنات و هن :
5- السيدة زينب رضى الله عنها و كانوا يسمونها زينب الكبرى لأنها اول مولود لرسول الله و تمييزا لها عن زينب الحفيدة .
ابنة شقيقتها فاطمة الزهراء رضى الله عنها و بنت الإمام علي كرم الله تعالى وجهه .
6- السيدة رقية رضى الله عنها
7- السيدة أم كلثوم رضى الله عنها
8- السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها
و قد ماتوا جميعاً فى حياة رسول الله عدا فاطمة الزهراء فهى التى ماتت بعد وفاته بستة أشهر و جميع أبناء الرسول .
من خديجة بنت خويلد رضى الله عنها , عدا إبراهيم ابنه من مارية القبطية فقط.
قد يسأل سائل لماذا لم يعش لرسول الله أولاداً ذكوراً بعد وفاته ؟
الجواب : أن ابن النبى لابد و أن يكون نبياً و لو عاش ولد من أبناء الحبيب لكان نبياً بعده , و لو كان نبياً بعده ما كان هو خاتم الأنبياء و المرسلين , إنها حكمه الرب سبحانه وتعالى البالغة و قدرته و ثناءه المتناهيه , فى العظمة و سمو الرفعة فى التقدير و لذا قرر القرآن العظيم هذة الحكمة وأجاب على المفسرين و ردع الشامتين بقول الحق سبحانه و تعالى { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} سورة الكوثر , و المعنى : أى كيف تكون أبتر و قد رفع الله تعالى لك ذكرك , فسرنا نقول يا رسول الله فى الأذان و فى الإقامة و كل شىء , و كيف تكون أبتر و قد أعطيناك الكوثر وهو نهر فى الجنة , أنت يا رسول الله خاتم الأنبياء و المرسلين و لو عاش لك ولد يخلفك فى الدنيا لابد وأن يكون نبياً مثل أبيه و كيف يكون نبياً بعدك و أنت خاتم الأنبياء ؟ و قد بين القرآن العظيم هذة الحكمة البالغة أنه لم يوجد ليكون أباً لأحد من الرجال و إنما ليكون أخر المرسلين قال تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (40) سورة الأحزاب , إن الأبتر الحقيقى يا محمد هو الذى يضايقك بهذا القول لأنة لن ينفعة مالة ولا ولدة و ليس لة بعد موتة إلا الخلود فى النار وإن الذى يضايقك بهذا القول هو الأبتر حيث لا عمل صالح له و لاقيمة له ولا رجاء و مصيرة جهنم و بئس المهاد . و لموت أبنائه حكمه أخرى و هى البلاء فكان رسول الله أشد بلاء من الخلق فمات أبوه قبل أن يراه و ماتت أمة و هو صغير و مات عمه الذى كان يحميه ثم ماتت زوجته الحنونه و ها هو الأن يموت له أولاده ومع كل هذا فهو الخلوق الصابر الذى قال عنه ربه { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم ٍ} (4) سورة القلم و لتكن حكمه الله تعالى فى أن يبتلى حبيبه محمد ليكون للناس عبره لأنه أحب إنسان إلى الله تعالى و مع ذلك إبتلاه بلاء عظيماً ليعلم الناس أن كلما ذاد الإيمان و الحب لله تعالى ,كلما ذاد الإبتلاء و المرض والله أعلم .
في الحديبية دعا رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له فقال: يا رسول اللَّه إني أخاف قريشًا على نفسي، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ولكني أدلّك على رجل أعز بها مني، عثمان بن عفان، فدعا رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ عثمان بن عفان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحربهم وأنه إنما جاء زائرًا لهذا البيت ومعظَّمًا لحرمته.
فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص فحمله بين يديه، ثم أجاره حتى بلَّغ رسالة رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ ما أرسله به، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ إليهم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف، فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ ، واحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول اللَّه والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل،ولما لم يكن قتل عثمان ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ محققًا، بل كان بالإشاعة بايع النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ عنه على تقدير حياته. وفي ذلك إشارة منه إلى أن عثمان لم يُقتل، وإنما بايع القوم أخذًا بثأر عثمان جريًا على ظاهر الإشاعة تثبيتًا وتقوية لأولئك القوم، فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال: اللَّهم هذه عن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك.
قال ابن إسحاق : ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حجه فأرى الناس مناسكهم وأعلمهم سنن حجهم وخطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (( أيها الناس اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا ، أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت ، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون . قضى الله أنه لا ربا ، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، وكان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية . أما بعد.....أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به بما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم أيها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا ، يحلونه عاما ويحرمونه عاما ،
ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله . إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مضر ، الذي بين جمادى وشعبان . أما بعد أيها الناس ، فإن لكم على نسائكم حقا ، ولهن عليكم حقا ، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا ، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي ، فإني قد بلغت ، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا ، أمرا بينا ، كتاب الله وسنة نبيه . أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت ؟ فذكر لي أن الناس قالوا : اللهم نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم ا شهد,,))
وذلك هو حكم الله في عباده كلهم : ( إنك ميت و إنهم ميتون ) [الزمر : 30 ] فقد دخل فجر يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة , وبينما الصحابة في صلاة الفجر وأبو بكر يصلي بهم، أراد أن يطمئن إلى حالهم في الصلاة خلف إمامهم، وأن تقر عينه برؤيتهم في صفوف منتظمة قبل أن يفارقهم، فتحامل على نفسه حتى وقف على قدميه، ومد يده إلى السترة ليرفعها ويرى الناس.
وبينما المسلمون على تلك الحال من الخشوع والانتظام؛ إذا بالستر من حجرة عائشة ينكشف أمامهم ويظهر لهم وجه رسول الله تعلوه ابتسامة مشرقة. فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم فرحاً برسولهم الذي تخلف عنهم ثلاثة فروض، وقد عبر أنس بن مالك رضي الله عنه بهذا المشهد حين قال:وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله فأشار إليهم بيده رسول الله أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر.
ومما قاله أنس أيضاً :وما رأيت رسول الله أحسن هيئة منه تلك الساعة.فنكص أبو بكر على عقبيه، ليصل الصف، وظن أن رسول الله يريد أن يخرج إلى الصلاة. فلما اطمأن على حال المسلمين وهم خلف إمامهم في صفوف منتظمة تبسم تبسم الرضى وضحك مسروراً، ثم أشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ودخل الحجرة وأرخى الستر.
ولما ارتفع الضحى، دعا النبي فاطمة رضي الله عنها، فلما جاءت ورأت أباها ممتداً على الأرض لم تتمكن قواه أن تحمله. وكان من عادته إذا رأى فاطمة هب واقفاً وقبل ما بين عينيها ثم أجلسها مكانه. لكنه في هذا المرة اكتفى بإرسال نظرة إليها. فلما رأته على تلك الحال انكبت عليه تقبله وقد تساقطت الدموع من على خدها وهي تقول:وا كرب أباه. فأخذ عليه السلام يلاطفها ويخفف من وطأتها وهو يقول:ليس على أبيك كرب بعد اليوم.وبينما يتحدث إلى فاطمة ويسارها بشئ إذا بها تبكي. فلم تلبث حتى دعاها وسارها مرة أخرى فضحكت. فلما سألتها عائشة فيما بعد عن هذا التحول السريع من البكاء إلى الفرح أجابت: (سارني النبي أنه يُقبض في وجعه الذي توفي فيه، فبكيت. ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت.ودعا الحسن والحسين فقبلهما، وأوصى بهما خيرا، ودعا أزواجه فوعظهنّ وذكرهنّ).
ودخل عليه أسامة بن زيد، فلما رأه رسول الله جعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها عليه، فعرف أسامة أنه يدعو له.
فلما انتهى من موعظة زوجاته ووصيته بالحسن والحسين؛ اشتد عليه المرض، وظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حيث أوقف الله جلت قدرته أثر السم خلال تلك السنين حتى يُبلغ النبي دعوته ويكمل الدين. فلما حان يوم وفاته أمر الله السم أن يُحدث أثره وعلى الأبهر أن ينقطع حتى قال عليه الصلاة السلام: يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم.ولم يكتف بمشهد الصحابة في الصلاة بل أكد على أهمية الصلاة حتى آخر وصية في حياته حيث قال: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم.الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم.الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم).
كان الرسول مستنداً على عائشة، وكانت عائشة تفتخر بهذا النعمة التي منّ الله بها عليها فكانت تقول: (إن من نعم الله عليّ أن رسول الله توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري). فدخل عليها عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده السواك. فلما رأت عائشة السواك بيده. ألتفت إلى رسول الله فرأته يرمق أخاها بنظراته. فعرفت أنه يحب السواك. وكانت رضي الله عنها أعرف نساءه بأحواله حتى من خلال نظراته وهذا ما جعله يطمئن إليها ويقضي بقية أيامه عندها. حتى جعل الله وفاته في يوم عائشة . فقالت لرسول الله : آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم. فأخذت السواك من أخيها ثم أعطتها لرسول الله فاشتد عليه. فقالت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم.فلينته، فأخذ يستن، وبين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه، ويقول: (لا إله إلا الله، إن للموت سكرات). ثم نصب يده فجعل يقول : (في الرفيق الأعلى). فأخذت عائشة تمعن النظر إليه وهو يستن بها كأحسن ما كان مستناً. وبينما هو كذلك إذا ببصره يشخص نحو السقف، وشفتاه تتحرك. فأصغت عائشة إليه فإذا هو يقول: (مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى. اللهم الرفيق الأعلى). ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى. إنا لله وإنا إليه راجعون.مات ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير.